الخميس، 28 أكتوبر 2010

السيرة الذاتيه للسلطان قابوس

قابوس بن سعيد :-
جلالة السلطان المعظم هو اللقب الرسمي لسلطان عُمان قابوس بن سعيد آل سعيد، وهو رأس الدولة ورئيسها والسلطة العليا والنهائية لها وهو القائد الاعلى للقوات المسلحة


المولد و النشأة :-
ولد السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور آل سعيد ، سلطان عمان ، في مدينة صلالة بمحـافظة ظفار في 18 شوال 1359هـ الموافق 18 نوفمبر 1940م، وهو في الترتيب يعد السلطان الثامن المنحدر من الإمام أحمد بن سعيد المؤسس الأول لأسرة آل بوسعيد سنة 1744م.
و في طفولته تلقى مبادئ اللغة العربية و الدين الإسلامي على أيدي أساتذة مختصين كل في مجاله، كما درس المرحلة الابتدائية في المدرسة السعيدية بصلالة، و في سبتمبر 1958م أرسله والده السلطان سعيد بن تيمور إلى انجلترا حيث واصل تعليمه لمدة عامين في مؤسسة تعليمية خاصة هي مدرسة (سافوك) الشهيرة، ثم إلتحق فى عام 1379هـ الموافق1960م بأكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية كضابط مرشح، حيث أمضى فيها عامين من عمره درس خـلالها العلوم العسكرية وتلقى فنون الجندية ، وتخرج فيها برتبة ملازم ثان، ثم انضم إلى إحدى الكتائب البريطانية العاملة آنذاك في ألمانيا الغربية - قبل الوحدة الألمانية - حيث أمضى ستة أشهر كمتدرب في القيادة العسكرية.
بعد أن أتم تلك الفترة الهامة ، والتي شكلت خبراته العسكرية للمراحل التي تلت، عاد إلى بريطانيا حيث درس لمدة عام في مجال نظم الحكم المحلي، وأكمل دورات تخصصية في شؤون الإدارة وتنظيم الدولة. ثم هيأ له والدة الفرصة التي شكلت جزءاً من اتجاهه بعد ذلك، فقام بجولة حول العالم استغرقت ثلاثة اشهر، زار خلالها العديد من دول العالم، عاد بعدها إلى البلاد عام 1383هـ الموافق 1964م حيث أقام في مدينة صلالة.
وعلى امتداد السنوات الست التالية التي تلت عودته ، تعمق السلطان قابوس في دراسة الدين الإسلامي، وكـل ما يتصل بتاريخ وحضارة عُمان دولة وشعباً على مر العصور. وقد أشار في أحد أحاديثه - القليلة - إلى أن إصرار والده على دراسة الدين الاسلامي وتاريخ وثقافة عمان ، كان لها الأثر العظيم في توسيع مداركه ووعيه بمسؤولياته تجاه شعبه العماني والإنسانية عموماً. كما أنه قد استفاد كثيراً من التعليم الغربي الذي تلقاه وخضع لحياة الجندية ولنظام العسكرية في بريطانيا ، ثم كانت لديه الفرصه في السنوات التي تلت عودته إلى صلالة بيقرأ الكثير من الأفكار السياسية والفلسفية للعديد من المفكرين الذين شكلوا فكر العالم.


قابوس سلطاناً :-
بعد عودته بأفكار جديدة للإصلاح، فوجئ قابوس بوالده الذي لم يتعظ من سقوط الإمام أحمد بن يحيى حميد الدين في اليمن يضعه في شبه عزلة تامة بعيداً عن الحل و العقد في أمور الدولة، الأمر الذي لا يتناسب مع مكانته كولي للعهد.
و بينما كانت ثورة ظفار الشيوعية تزداد قوة، و تكاد توشك على الإطاحة بحكم آل بوسعيد إلى الأبد، أدرك قابوس أن الحل لن يكمن في والده سعيد بن تيمور فأنقلب على أبيه، و وثب على الحكم ليبدأ تصحيح الأمور.
وصل قابوس بن سعيد الحكم في وضع كانت معه سلطنة عمان ترزح تحت وطأة الفقر والتخلف، و واقعة بين فكي حرب أهلية ضروس بسبب ثورة ظفار الشيوعية ضد والده، لكنه تمكن من إخماد الثورة بعد خمس سنوات سنوات، و ثبت أركان حكمه جيداً ، كما شرع بإتخاذ الخطوات التي من شأنها ووضع نظام أساسي للدولة وكذلك إعمار السلطنة مستعيناً بمساعدات وخبرات خارجية، و من ثم بالإستعانة بعائدات النفط العماني.


رؤية الدولة العمانية الحديثة :-
لم يصل قابوس إلى الحكم لمجرد الرغبة في الحكم، و لكنه وصل بمشروع متكامل أبقى على التوازن بين الحكم القبلي في السلطنة، و بين طموحات التحديث و النهضة.
استفاد قابوس من سفراته المتعددة واحتكاكه بالعالم الخارجي ففهم طبيعة ودوافع الثورة على والده، كما أنه تفهم طبيعة المجتمع العماني التي تقدم الولاء للقبيلة على أي ولاء آخر - ولذلك كانت القبائل العمانية متناحرة - ( أنظر مقالة : قبائل سلطنة عمان)، فاستفاد من الأمرين لتقديم نفسه كبديل متوازن عن والده، يجمع بين اتساع الأفق، و بين تقليدية أركان المجتمع. و جاء هو نفسه بإنقلاب على أبيه.
كما أنه أدرك وضع العمانيين المتردي خلال جولاته في الجزيرة العربية، فعزم على انتشال السلطنة من وهدتها، و الإرتقاء بالعمانيين، دون تهديد الحكم الشيوعي الذي كاد يقضي على حكم أسرته.
و في هذا الغرض الذي أجمع عليه العمانيون على اختلاف مشاربهم و انتماءاتهم السياسية و القبلية قال في خطبة له بمناسبة العيد الوطني العماني الثاني 1972:
"إن هدفنا السامي هو إعادة أمجاد بلادنا السالفة. هدفنا ان نرى عمان وقد استعادت حضارتها الآفلة وقامت من جديد واحتلت مكانتها العظيمة بين شقيقاتها العربيات في النصف الثاني من القرن العشرين، وأن نرى العماني يعيش على أرضه سعيدا وكريماً
فقابوس لم يكتف بالوثوب على السلطة و قمع الثورة في خمس سنوات، بل إنه بدأ حركة عملاقة للرفع من شأن عمان بالعمل، فأعاد لم شتات العمانيين بعد أن كانوا مشتتين سعياً وراء العيش الكريم، و ضمن لهم العيش الكريم اللائق، كما عمر البلاد، وأنشأ بنيتها التحتية، مستعيناً في ذلك بعدد من مصادر التمويل كان منها النفط العماني الذي اكتشف في وقت متأخر. فتوفرت الأموال لرفع مستوى الحياة في دولة كانت تفتقر أدنى مقومات العيش الكريم، فلم تعرف السلطنة قبله البنية التحتية ، ولم تكن هناك الكثير من الطرق المرصوفة والمستشفيات والمدارس و لم يكن العمانيين يتمتعون بأدنى المقومات الطبيعية للعيش التي تتمتع بها الدول المجاورة الأخرى.
جاء قابوس بمشروع طموح للوصول ببلاده من حالة الخراب البلقع إلى حالة الدولة، وأصاب نجاحاً كبيراً جداً في مشروعه. فعمان التي تتطور بهدوء و بطء تتطور بثقة.
و لأنه على علم عميق بلعبة التوازنات القبلية في عمان، و بالولاءات القبلية، و الإرتباط المباشر بالحاكم اعتمد السلطان قابوس منذ بدايات حكمه عادة الجولات السنوية والتي تستمر حوالي 60 يوماً يمر خلالها على محتلف أرجاء السلطنة، والتي يحاول من خلالها أن يلتقى وجهاً لوجه بأفراد شعبه حتى يستمع إليهم مباشرة لمتابعة مطالبهم ومتابعة الإنجازات التي تمت وتحديد المطلوب إنجازه، و يتواصل فيها مباشرة مع الوجوه و الزعماء رجلاً لرجل.
وبهذا ضمن قابوس سيطرته المطلقة على كل أمور الدولة العمانية، و ارتباط كل أمورها به، و بقاء آثاره في كل أجزاءها ومنها سلاسل مساجد السلطان قابوس المنتشرة في طول البلاد وعرضها، و الطرق و المنشآت المسماة باسمه.
مشروع قابوس بن سعيد ورؤيته الكبرى هي سلطنة عمان في حالة مستقرة و كريمة، وهذا ما لا يستطيع إنكاره حتى أشد الناس معارضة لنظامه.
مع ذلك، فإن رؤى قابوس لم تتم بعد، إذ أن عمان تحتاج إلى الإستمرار في التنمية.


إهتماماته و هواياته :-
لعل اهتمام السلطان قابوس بدفع عمان إلى حالة متقدمة من المعاصرة مع الإبقاء على الأصالة العمانية التقليدية بحيث لا تفقد عمان هويتها ، وفي إطار ذلك يكون اهتمام قابوس بالثقافة هو الشيء الأبرز، و الذي ترك آثاره الواضحة في عمان، فبفضل قراره أصبح لدى السلطنة أوركسترا سلطانية من عازفين و عازفات على مستوى عالٍ من التدريب.
كما رعت مؤسسات الدولة مشروعاً ضخماً لتوثيق تاريخ عُمان منذ فجر التاريخ، و مشاريع ثقافية
أخرى كثيرة.


وللسلطان قابوس اهتمامات واسعة بالدين واللغة والأدب والتاريخ والفلك وشؤون البيئة، حيث يظهر ذلك جليا في الدعم الكبير والمستمر للعديد من المشروعات الثقافية، وبشكل شخصي، محليا وعربياً ودوليا، سواء من خـلال منظمة اليونسكو أم غيرها من المنظمات الإقليمية والعالمية.
ومن أبرز هذه المشروعات على سبيل المثال لا الحصر، موسوعة السلطان قابوس للأسماء العربية ، ودعم مشروعات تحفيظ القرآن سواء في السلطنة أو في عدد من الدول العربية، وكذلك بعض مشروعات جـامعة الأزهر، وجامعة الخليج وعدد من الجامعات والمراكز العلمية العربية والدولية، فضلاً عن (جـائزة السلطان قابوس لصون البيئة) التي تقدم كل عامين من خلال منظمة اليونسكو، ودعم مشروع دراسة طريق الحرير والنمر العربي والمها العربي و غيرها.


وعن هواياته يتحدث السلطان فيقول: منذ طفولته كان يهوى ركوب الخيل ، فيذكر أنه قد وضع على ظهر حصان وهو في الرابعة من عمره، ومنذ ذلك الحين وهو يحب ركوب الخيل ولهذا توجد الإصطبلات السلطانية التي تعنى بتربية وإكثار الخيول العمانية الأصيلة وإفتتح مدارس الفروسية التي تضم بين تلاميذها البنين والبنات، كما أن الرماية أيضاً من الهوايات المحببه له كونه تدرب عسكرياً ، ويؤكد أن هذه الهواية تعد جزءاً مهماً لكل من يهتم بالنشاط العسكري وعاش في مجتمع كالمجتمع العُماني الذي يعتز بكونه يستطيع حمل السلاح عند الضرورة ، كما يحب تجربة لكل ما هو جديد من أسلحة في القوات المسلحة العمانية، سواء كان ذلك السلاح بندقية أو مدفع رشاش أو مدفع دبابة، إلا أن الرماية بالمسدس والبندقية تبقى هي الأفضل بالنسبة له، وكذلك ـ كنوع من الترفيه ـ يستخدم أحياناً القوس والنشاب.


هناك هوايات أخرى كالمشي، فهو يحب المشي منذ الصغر، قبل الذهاب الى النوم ويقضي وقتاً بالمشي على البحر فهو رياضة جيدة للجسم وفرصة للتفكير في شؤون الدولة، كذلك يهوى التصوير، وكانت لديه هواية رسم المناظر الطبيعية في وقت من الأوقات، إلا أن الظروف والوقت أصبحا لا يسمحان له بممارسة هذه الهوايات، والقراءة أيضا كونها هواية قديمة بالنسبة له، إلا أنها أصبحت جزءاً من العمل، وأصبح من الصعب مطالعة الكتب كهواية إلا ما هو في مجال العمل والحياة اليومية.


وأيضاً فإن من الهوايات المحببة لديه علم الفلك ومراقبة الكواكب، حيث يملك مرصداً صغيراً ، وعندما تكون الفرصة سانحة في الليالي المناسبة حسب النشرات الفلكية قهو يقضي بعض الوقت في مراقبة هذه الكواكب.
كما أنه يمارس لعبة التنس، ويحب متابعتها، وكذلك ألعاب القوى.


سياسته الخارجية :-
تلتزم عمان عادة سياسة الحياد فلا تتدخل في النزاعات بين جيرانها،أو النزاعات الخارجية الدولية، عملاً بقاعدة "لا ضرر و لا ضِرار". إلا أنها تحتفظ بعلاقات صداقة مع الدول العربية و دول العالم بشكل عام ، وتشارك في المؤتمرات الدولية ولها ممثل في جامعة الدول العربية.
و للسلطنة مواقف قوية في مجلس التعاون الخليجي و خط سياسي خاص ينبع مما تمليه مصالح السلطنة.
السلطنة تعيش شبه عزلة سياسية بسبب إيمان السلطان قابوس بأن " من يتدخل - على المستوى الدولي - في شأن ليس من شأنه كأنهما ينعق في واد غير واديه" ، لكن هذا لم يمنع السلطان قابوس من رعاية اتفاقات الهدنة بين شطري اليمن المتحاربين في 1994، كما لم يمنع السلطنة من توقيع عدد كبير من الإتفاقيات السياسية والعسكرية والإقتصادية مع جيرانها وغيرهم، على أنها تبقى بلداً هادئاً جداً، لا يسمع صوته.


بشكل عام فإن سياسات السلطنة لا ترضي المملكة العربية السعودية بشكل تام؛ و لا تستعديها، كما أنها تتجنب التورط في معارضة سياسات الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، و لا تخضع لها في الوقت عينه.
و عمان تعلن موقفاً واضحاً من قضيتي فلسطين و العراق لا يشذ عن الموقف العربي العام من هاتين القضيتين.


التقدير الدولي :-
السلطان قابوس محط اهتمام دولي بسياساته الحكيمة و الحذرة، كما بمشاريعه الإصلاحية المهمة، و دوره في رعاية المشاريع الثقافية، و نتيجة لهذا الاهتمام صدر عنه الكثير من الكتب التي تناولت سيرته أو سيرة الدولة الحديثة في عمان، و منها كتاب من تأليف كاتب روسي ، يشيد فيه بالإنجازات التي تمت في عهد قابوس. الكتاب أسمه « مصلح على العرش » صدر بالروسية و تُرجم إلى عدة لغات منها العربية.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق